الذكاء الاصطناعي… طفرة اقتصادية لا فقاعة مالية
تزايدت النقاشات في وول ستريت خلال الأشهر الأخيرة حول ما إذا كانت أسواق الأسهم الأمريكية، ولا سيما أسهم التكنولوجيا الكبرى،
تدخل في فقاعة جديدة تشبه فقاعة الإنترنت في أواخر التسعينيات. فبينما يحذر بعض المحللين من التسارع المفرط في تقييمات الشركات
التقنية واحتمال تصحيح حاد في الأسعار، قدّم رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، قراءة أكثر توازنًا وواقعية للمشهد الحالي.

باول: طفرة الذكاء الاصطناعي تختلف عن فقاعة الإنترنت
قال باول في مؤتمر صحفي أعقب الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية إن الموجة التكنولوجية الحالية، المدفوعة بتطورات الذكاء الاصطناعي (AI)،
تختلف جذريًا عن فقاعة الإنترنت التي شهدها العالم قبل أكثر من عقدين وأوضح أن الشركات التي تقود هذه المرحلة — مثل إنفيديا، مايكروسوفت،
وألفابت — تحقق أرباحًا فعلية ونموًا ملموسًا في الإيرادات، على عكس شركات التسعينيات التي اعتمدت على تقييمات مضخّمة وتوقعات غير مدعومة
بأساس مالي قوي وأضاف أن الاستثمارات الضخمة في مراكز البيانات والرقائق الإلكترونية أصبحت من المحرّكات الرئيسة للنمو الاقتصادي العالمي،
ما يجعل هذه الدورة مختلفة في طبيعتها عن دورات الفقاعات السابقة.

مخاطر قائمة رغم التفاؤل
ورغم لهجته الإيجابية، لم يُغفل باول الإشارة إلى المخاطر المحتملة المرتبطة بارتفاع التقييمات المفرط، لاسيما مع الفجوة الكبيرة بين الشركات
الرائدة والمبتدئة في قطاع الذكاء الاصطناعي ففي حين تجاوزت القيمة السوقية لشركة إنفيديا 5 تريليونات دولار بفضل هيمنتها على سوق وحدات
معالجة الرسومات (GPUs)، لا تزال شركات ناشئة مثل أوبن إيه آي (OpenAI) وأنثروبيك (Anthropic) تستهلك السيولة بمعدلات مرتفعة لتوسيع
أعمالها دون تحقيق أرباح تشغيلية بعد يرى باول أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة اقتصادية حقيقية وليست مجرد موجة مضاربة جديدة، لكنه في الوقت
ذاته يحذّر من المبالغة في التقييمات ومن تجاهل عوامل التوازن المالي التي تميّز الشركات القادرة على توليد أرباح مستدامة وبين التفاؤل الحذر والقلق
من الفقاعة، يبدو أن وول ستريت تقف مجددًا أمام مفترق طرق بين نمو مدعوم بالتكنولوجيا ومخاطر انفجار أسعار محتمل — مشهد يعيد للأذهان الماضي
لكن بأدوات وبيانات جديدة.
