العملات المستقرة واليوان الصيني: أداة محدودة في سباق التدويل
على الرغم من أن بعض المستثمرين ينظرون إلى العملات المستقرة كوسيلة محتملة لتعزيز الدور العالمي لـ اليوان الصيني،
يرى بنك أوف أمريكا أن تأثيرها في هذا المسار سيبقى محدودًا، مؤكدًا أن تدويل اليوان يتحقق عبر أدوات مالية واقتصادية أكثر عمقًا واستدامة.
الاتفاقيات الثنائية بديلاً أكثر فعالية
في مذكرة حديثة، أوضح محللو بنك أوف أمريكا أن أفضل السبل لتوسيع حضور اليوان عالميًا تتمثل في الاتفاقيات الثنائية للتسويات عبر الحدود بالعملات المحلية،
إلى جانب تحسين سيولة واستقرار العملة الصينية، معتبرين أن هذه الخطوات أكثر فاعلية من الاعتماد على العملات المستقرة كرافعة للتدويل.

وأضاف التقرير أن البعض يرى في العملات المستقرة وسيلة لرفع مكانة اليوان عبر زيادة الطلب العالمي عليه وخلق نظام مدفوعات
موازٍ يتجاوز شبكة SWIFT، إلا أن البنك حذّر من المبالغة في هذه الرؤية، معتبرًا أن الواقع أكثر تعقيدًا.
تحديات في التبني والامتثال
وأشار المحللون إلى أن العملات المستقرة تواجه عقبات متعددة تحول دون انتشارها السريع، تشمل ضعف تبني المستخدمين،
وصعوبة تحقيق ربحية مستدامة للمصدرين، إضافة إلى مخاطر الامتثال التنظيمي في العديد من الأسواق.
ورغم ذلك، رأى البنك أن المدفوعات عبر الحدود تبقى الحالة الأكثر وعدًا لاستخدام العملات المستقرة، لما توفره من تسويات شبه
فورية وتكاليف أقل بكثير مقارنة بالأنظمة المصرفية التقليدية.

قيود فنية وتشغيلية
ورغم هذا التفاؤل الجزئي، حذّر التقرير من أن صغر حجم مجمع اليوان الصيني الخارجي (CNH) وتقلب رسوم الغاز في شبكات البلوكتشين
عند أحجام التعامل الكبيرة، يمثلان قيودًا جوهرية على توسع هذا النموذج.
أما في مجالات أخرى مثل التجزئة والتداول، فقد اعتبر البنك أن إمكانات النمو محدودة بسبب انتشار أنظمة الدفع الإلكتروني داخل الصين،
وغياب تداول العملات المشفرة رسميًا، إلى جانب تفضيل المستثمرين العالميين لعملات أكثر استقرارًا لتخزين القيمة.
عوائد منخفضة ومحدودية في الدخل
كما لفت التقرير إلى أن ضعف العوائد على السندات الحكومية قصيرة الأجل، والتي تتراوح بين 1% و2% فقط، يحد من قدرة مصدّري العملات المستقرة على بناء نماذج ربحية قائمة على الفائدة،
مما يقلل من جاذبية هذا القطاع على المدى الطويل.
الاستقرار والثقة… مفتاح التدويل الحقيقي
واختتم بنك أوف أمريكا تحليله بالتأكيد على أن توسيع القبول العالمي لليوان الصيني لا يعتمد على الشكل الذي يتخذه – سواء كان رقمياً أو مستقراً
بل على عناصر جوهرية مثل السيولة والاستقرار وثقة المستثمرين الدوليين.
وأشار البنك إلى أن توسيع خطوط المبادلة بين البنوك المركزية وتعزيز آليات التسوية بالعملات المحلية تبقى الوسيلة الأكثر فاعلية لتحقيق هدف تدويل اليوان بصورة مستدامة
