الكساد الاقتصادي: أزماته، آثاره، وكيف تتخطاه؟
الكساد الاقتصادي هو مرحلة من الركود العميق والممتدّ في النشاط الاقتصادي، تتسم بانخفاض
حاد في الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب تأثيرات واسعة تشمل تراجع الإنتاج، ارتفاع معدلات البطالة،
تآكل القدرة الشرائية، وتدهور الثقة في الأسواق والنظام المالي العام. ويُطلق مصطلح الكساد على
حالات الانكماش التي تدوم ثلاث سنوات على الأقل، أو التي يشهد فيها الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي
تراجعًا بنسبة تفوق 10%.
ويتميّز الكساد بعمقه وصعوبة تعافي الاقتصاد منه مقارنة بالركود الاقتصادي. فعلى سبيل المثال، شهدت
الولايات المتحدة أكثر من 30 حالة ركود منذ عام 1850، بما في ذلك الركود الناتج عن جائحة كوفيد-19 عام 2020،
إلا أنها مرّت بحالة كساد واحدة فقط، وهي الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن العشرين.الكساد الاقتصادي
الكساد العظيم (1929): أسوأ أزمة اقتصادية في التاريخ الحديث
بدأ الكساد العظيم في الولايات المتحدة يوم “الخميس الأسود” 24 أكتوبر 1929، عندما شهدت الأسواق المالية
موجة بيع قياسية بلغت 12.9 مليون سهم في يوم واحد. كان هذا نتيجة سنوات من الاستثمارات المبالغ فيها
باستخدام روافع مالية مرتفعة، ما أدى إلى تضخّم أسعار الأسهم بشكل غير واقعي.
مع تجاوز أسعار الأسهم لقيمة الشركات الحقيقية، اندفع المستثمرون للبيع خوفًا من الانهيار، مما أدى إلى ذعر
جماعي وانهيار الأسعار. وبلغت ذروة الأزمة في “الثلاثاء الأسود”، 29 أكتوبر، حيث انهار مؤشر داو جونز بنسبة 12%.
استمرت الأزمة حتى عام 1933، حين وصلت البطالة إلى أكثر من 25% من السكان.الكساد الاقتصادي
الكساد الاقتصادي في اليونان (2015): أزمة ديون طويلة الأمد
نشأت أزمة اليونان نتيجة تراكمات اقتصادية منذ الثمانينيات، شملت تضخمًا مفرطًا، ضعفًا في الإنتاجية، وعجزًا ماليًا
متصاعدًا. في عام 2001، أخفت اليونان بياناتها المالية للانضمام إلى منطقة اليورو، لكن الأزمة المالية العالمية في 2007
كشفت هشاشتها الحقيقية.
في عام 2015، أعلنت اليونان عجزها عن سداد قرض بقيمة 1.6 مليار يورو لصندوق النقد الدولي، لتصبح أول دولة متقدمة
تتخلف عن التزاماتها الدولية، وسط انهيار اقتصادي شبه كامل.الكساد الاقتصادي
أسباب الكساد الاقتصادي
-
لا يحدث الكساد فجأة، بل يتشكل نتيجة سلسلة من الأحداث والقرارات:
-
فقدان الثقة بالاقتصاد نتيجة أحداث مثل انهيار سوق العقارات.
-
تراجع الإنفاق بسبب خوف الأفراد من فقدان وظائفهم.
-
انخفاض الطلب يقود إلى تقليص الإنتاج وتأجيل الاستثمارات.
-
تراجع التوظيف نتيجة تراجع الإنتاج.
-
ارتفاع البطالة يؤدي إلى ضعف القدرة الشرائية.
-
انخفاض الأسعار نتيجة تراجع الاستهلاك، ما يعمّق الانكماش.
-
يتكرر هذا التسلسل في حلقة مفرغة تؤدي إلى تفاقم الكساد.
آثار الكساد الاقتصادي على الاقتصاد
أولًا: البطالة
يشهد الكساد عادة ارتفاعًا كبيرًا في معدلات البطالة بسبب تراجع الطلب على المنتجات وتقليص الشركات لنفقاتها
التشغيلية، كما حدث في الكساد العظيم حيث تجاوزت البطالة 25%.
ثانيًا: أسعار الفائدة
تقوم البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة لتشجيع الاقتراض والإنفاق، ضمن سياسات نقدية تحفيزية تهدف إلى إعادة
تنشيط الدورة الاقتصادية.الكساد الاقتصادي
الفرق بين الكساد والركود
غالبًا ما يُنظر إلى الكساد باعتباره النسخة الأشدّ من الركود الاقتصادي. فالركود يمثل تباطؤًا محدودًا ومؤقتًا في النشاط
الاقتصادي، بينما الكساد هو انهيار شامل وممتد، يتطلب سنوات للتعافي.
ويُبيَّن الفرق بينهما في النقاط التالية:
من حيث المدة:
-
الركود: يستمر عادةً لبضعة أشهر أو حتى عام.
-
الكساد: يدوم لثلاث سنوات أو أكثر.
من حيث التأثير الاقتصادي العام:
-
الركود: يؤدي إلى تباطؤ النمو، ويُعد جزءًا طبيعيًا من الدورة الاقتصادية.
-
الكساد: يمثل انهيارًا واسع النطاق يُضعف جميع القطاعات الاقتصادية.
من حيث الناتج المحلي الإجمالي:
-
الركود: يتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة طفيفة (ربعين متتاليين).
-
الكساد: يتراجع الناتج بنسبة تتجاوز 10% خلال عام واحد.
من حيث البطالة:
-
الركود: يرافقه ارتفاع طفيف في معدلات البطالة.
-
الكساد: يؤدي إلى بطالة جماعية، وتفشي حالات الإفلاس بين الشركات والأفراد.
كيف تواجه الدول الكساد الاقتصادي؟
1. السياسات المالية
تشمل زيادة الإنفاق الحكومي أو تقديم حوافز مباشرة للأسر لدفع عجلة الاستهلاك.
2. السياسات النقدية
تقوم على خفض أسعار الفائدة لتشجيع الاقتراض والاستثمار.
3. سياسة التقشف
تُستخدم أحيانًا لتقليل العجز، ولكنها قد تؤدي إلى تفاقم الركود إذا طُبقت في الوقت الخطأ.
تأثير الكساد على أسهم البورصة
الأسهم الأكثر تضررًا:
-
الأسهم المثقلة بالديون: مثل الشركات المعتمدة على التمويل القائم على الاقتراض.
-
الأسهم الدورية: مثل شركات السيارات والسلع الكمالية.
-
الأسهم المضاربية: التي تعتمد على التوقعات أكثر من الأداء الفعلي.
الأسهم الأكثر تماسكًا:
-
الشركات ذات الميزانيات القوية: خصوصًا في قطاعات المرافق أو الأغذية.
-
القطاعات المقاومة للركود: مثل السلع الأساسية ومتاجر التخفيض.
-
الأسهم العكسية: مثل شركات الكحول أو خدمات الجنازات.
أفضل خيارات الاستثمار أثناء الكساد
-
أسهم الشركات التي توزع أرباحًا: تمنح دخلًا ثابتًا حتى في أوقات التراجع.
-
صناديق الأرباح: تقلل المخاطر وتقدم تنوعًا جيدًا.
-
الذهب والمعادن الثمينة: ملاذ تقليدي وقت الأزمات.
-
الأسهم الدفاعية: مثل الأغذية والأدوية والسلع الأساسية.
استراتيجيات التداول في أوقات الكساد
1. استراتيجية متوسط تكلفة الدولار
الاستثمار الدوري بمبالغ ثابتة بغض النظر عن تقلبات السوق، مما يخفف من المخاطر طويلة الأجل.
مثال: استثمار 500 دولار شهريًا، ستحصل على عدد أكبر من الأسهم عند انخفاض السعر، وأقل عند ارتفاعه.
2. إعادة توازن المحفظة
نقل الاستثمارات من الأصول عالية المخاطر إلى أصول أكثر أمانًا، مثل الذهب أو السندات أو أسهم القطاعات الدفاعية.
ما هي أفضل المنصات للاستثمار في الأسواق العالمية؟
أفضل المنصات للاستثمار في الأسواق العالمية بكل تأكيد هي التي تحمل تراخيصاً رقابية صادرة عن هيئات تنظيمية من الفئة
الأولى، التي تقدم لعملائها تسهيلات وامتيازات حقيقية وتوفر لهم الدعم المطلوب من جل تجربة تداول سهلة وآمنة وأكثر فاعلية.
وإليك أفضل هذه المنصات.