البيتكوين تتألق بقوة: من أصل مضاربي إلى ركيزة في النظام المالي العالمي
شهدت عملة البيتكوين قفزة نوعية منذ بداية العام الجاري، إذ سجّلت مستويات قياسية غير مسبوقة، واقتربت من
حاجز 123 ألف دولار، في أداء يُوصف بالاستثنائي وسط توقعات بمزيد من الصعود خلال الأشهر المقبلة.
ولم تكن هذه المكاسب محض صدفة، بل جاءت في ظل تحوّل جوهري في النظرة العالمية للعملات الرقمية، خصوصًا
منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة. فبعدما كانت العملات المشفّرة تُعد أدوات مضاربة محفوفة بالمخاطر،
أصبحت اليوم جزءًا أصيلًا من النظام المالي العالمي.

ورغم التقلّبات الشديدة التي ضربت الأسواق مؤخرًا بفعل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وفرض رسوم جمركية
من قِبل إدارة ترامب، فقد أثبتت البيتكوين صلابتها وصمدت أمام العواصف، لتتحوّل إلى ملاذ آمن للمستثمرين الباحثين عن الحماية من تقلبات الأسواق.
هذا الأداء القوي ساهم في خلق أكثر من 15 ألف مليونير جديد بفضل استثماراتهم في البيتكوين، لا سيما بعد أن بدأت الحكومة الأمريكية
بخطوات فعلية نحو تأمين التداولات وتنظيم سوق العملات الرقمية، مما رفع من درجة الثقة لدى المستثمرين المؤسسيين والأفراد على حد سواء.

ولعل أحد أبرز العوامل التي ساعدت على صعود البيتكوين هو الانخفاض الواضح في المعروض منها، بالتزامن مع تراجع قيمة الدولار الأمريكي،
ما عزز من جاذبيتها كأصل استثماري قادر على الحفاظ على القيمة في ظل الأزمات.
وبات من الواضح أن الأصول الرقمية لم تعد مجرّد ظاهرة عابرة، بل أصبحت إحدى دعائم الاقتصاد الحديث، إذ يُتوقّع أن تلعب دورًا أوسع في صياغة
مشهد الثروات والاستثمارات عالميًا. فقد أصبح من الشائع اليوم أن نرى متداولي العملات الرقمية ضمن قوائم الأثرياء، إلى جانب مالكي الشركات
الكبرى والمستثمرين التقليديين في الأسهم والذهب.
وإذا كان البعض في السابق يعتبر البيتكوين أداة مضاربة لا مستقبل لها، فإن الواقع أثبت العكس. لقد تحوّلت الأصول الرقمية إلى قطاع حيوي
مدعوم بتوجهات سياسية وتشريعات تنظيمية، أبرزها تلك التي أطلقتها إدارة ترامب لتعزيز موقع الولايات المتحدة كمركز عالمي لتكنولوجيا البلوكشين
والعملات المشفّرة.
كما ساهمت الأحداث الجيوسياسية، لا سيما النزاع الإيراني الإسرائيلي والحرب التجارية التي فجّرتها قرارات ترامب الجمركية، في تعزيز موقع البيتكوين
كأداة تحوّط ضد الأزمات، ليصبح الاستثمار فيها خيارًا استراتيجيًا للكثير من المستثمرين.
