أوروبا بين سباق التسلح وضغوط الديون: طريق شاق نحو أهداف الناتو
من المرجح أن يشهد الإنفاق الدفاعي في أوروبا صحوة بعد سنوات من الجمود، مدفوعًا بتصاعد الضغوط الجيوسياسية التي تدفع الاتحاد الأوروبي
إلى إعادة النظر في أولوياته وميزانياته العسكرية. غير أن محللي “بنك أوف أمريكا” للأوراق المالية يحذرون من أن تلبية أهداف “الناتو” الجديدة لن تكون
مهمة سريعة أو يسيرة بالنسبة لمعظم دول الاتحاد.

وأشار خبراء البنك في مذكرة بحثية حديثة إلى أن رفع الإنفاق الدفاعي الأساسي إلى مستوى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي،
كما تنص عليه أهداف الحلف، قد يصطدم بالواقع الاقتصادي الصعب والقيود المالية الثقيلة، لا سيما في اقتصادات جنوب أوروبا الكبرى.
ووفقًا لمحاكاة أجراها البنك، فإن بلوغ هذه النسبة بحلول عام 2028 قد يرفع نسب الدين الحكومي بين 2.4% و4.1% عن مستوياتها الأساسية
في دول مثل البرتغال واليونان، إلى جانب إسبانيا وإيطاليا. أما رفع الإنفاق الدفاعي إلى عتبة 5%، فسيحمل تحديات أشد خطورة، مع تأثيرات
مقلقة على استدامة الديون، خاصة بالنسبة لإسبانيا وإيطاليا.

وتزداد الصورة تعقيدًا في ظل استمرار فرنسا وإيطاليا تحت إجراءات العجز المفرط في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى هشاشة التوازنات
المالية في إسبانيا بسبب بطء وتيرة إصلاح المالية العامة. وعلى الرغم من إطلاق أدوات تمويل دفاعي، مثل “بند الهروب الوطني” (NEC)
و”إجراء الأمن لأوروبا” (SAFE) ضمن خطة إعادة التسلح الأوروبية / الجاهزية 2030، فإن أثرها على زيادة الميزانيات ظل محدودًا, فقد امتنعت
فرنسا وإيطاليا وإسبانيا عن تفعيل هذه الأدوات بشكل كامل، بينما لجأت إليها اليونان والبرتغال بشكل متواضع، ما يعكس أن تحقيق قفزة
كبيرة في الإنفاق الدفاعي يحتاج إلى توافق سياسي أوسع وجهود جماعية على مستوى الاتحاد الأوروبي لتخفيف العبء المالي عن الدول الأعضاء.
